الماء .. سر الرشاقة
يعتقد كثير من الناس أن تنظيم الطعام هو الوسيلة الوحيدة لاستعادة الرشاقة و
تقليل وزن الجسم الزائد ، كما يعتقد الكثيرون أن الماء عنصر هام في حدوث
مشكلة الوزن الزائد ، حتى أن البعض يتهمونه بأنه السبب الأساسي وراء تكون
"الكرش" الضخم ، و البطن المترهلة . لكن الماء بريء تماما من هذه الاتهامات
، و العكس صحيح ، ذلك أن الماء عنصر ضروري للشخص الذي يحاول أن يفقد وزنا ،
بل و يساعد على استمرار حالة الرشاقة بعد فقد الوزن .
يعمل الماء بطرق عديدة على تحسين معدلات فقد الوزن و الصحة العامة أيضا . و
من المدهش أن الماء قد يكون العامل الوحيد الهام الذي يعمل على خفض الوزن و
الحفاظ على الوزن المثالي . بل يكاد الماء أن يكون المفتاح السحري لخفض
الوزن الدائم . يعمل الماء على خفض الشهية و يساعد على اجراء العمليات
الأيضية (من هدم و احتراق) للدهون المختزنة في الجسم . و يحافظ الماء على
حالة العضلات الجيدة ، كما يغسل الشوائب من الدم فتخرج مع البول ، و أيضا
يمنع حدوث الامساك . و الشخص السمين بالذات يحتاج الى كثير من الماء ،
والاشخاص الذين يعانون من اختلال في احتجاز الملح و الماء يساعدهم مزيد من
الماء على اعادة التوازن لسوائل الجسم الموزعة في انسجته بطريقة غير سليمة .
و أثناء فقد الوزن فان الشخص يحتاج الى كمية كبيرة من الماء قد تصل الى
حوالي 3 لتر من الماء يوميا . و يستحسن أن يتم شرب كوبين من الماء خلال
ثلاثين دقيقة في الصباح ثم من كوبين الى ثلاثة أكواب من الماء في فترة
الظهيرة و قبل تناول الطعام ، و مثل ذلك قبل العشاء . مع مراعاة أن يتم شرب
الماء حوالي نصف ساعة قبل الوجبات لكي يساعد على ارتواء الجسم وبالتالي
ارتواء جدران المعدة و تشبعها بالماء ، و و بالتالي تقليل الشهية للطعام . و
من المعروف ان زيادة استهلاك ملح الطعام يساعد أيضا على احتجاز الملح و من
ثم الماء في الجسم . و تلعب هرمونات الأنوثة أيضا دورا في هذا الشأن ،
فتمر الفتيات البالغات و السيدات بهذه الحالة في الاسبوع الذي يسبق نزول
الدورة الشهرية حيث يحتجز بعض الملح و الماء نتيجة لزيادة في نسبة بعض
الهرمونات الأنثوية الدورية مما يؤدي الى زيادة الوزن و الاحساس بانتفاخ
وتورم في بعض أجزاء الجسم ، كما قد يزداد التوتر العصبي و الانفعال في هذه
الفترة ، و هى حالة مؤقتة تزول بعد بدء الدورة الشهرية .
و يعتقد بعض الناس خطأ أن شرب الماء الساخن على معدة فارغة في الصباح يساعد
على تخفيض الوزن ، و يتم تبادل هذه المعلومة كما لو كانت حقيقة واقعة ، و
في الواقع أن هذه معلومة خاطئة تماما ذلك أن شرب الماء البارد - و ليس
الساخن أو المثلج - هو الذي يساعد على فقد الوزن ، و تعالوا نحسبها معا :
يرفع الجسم درجة حرارة كل ما يتناوله في جوفه من طعام أو شراب الى درجة 37
درجة مئوية وهي درجة حرارة جسم الانسان ، و عندما نشرب كوبا من الماء
البارد في درجة 15 درجة مئوية مثلا فان الجسم يرفع درجة حرارة الماء الى
درجة حرارة الجسم أي يرفعه 22 درجة مئوية . و كوب الماء يكون غالبا حوالى
200 جراما . هنا نقف لحظة لكي نعرف أن السعر الحراري الصغير هو كمية
الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء درجة واحدة مئوية ، و
بالتالي فان الجسم يتكلف كمية من الحرارة تعادل 22 درجة مئوية x 200 جراما =
4400 سعرا صغيرا أي 4.4 سعرا حراريا مما نعرفه في حساباتنا اليومية
للسعرات الحرارية في الطعام . أي أن شرب كوب من الماء البارد يجعل الجسم
يفقد حوالي 4.4 سعرا حراريا . في الواقع أن هذا لا يحدث عندما نشرب ماء
ساخنا حيث أن الجسم لا ينفق أية طاقة حرارية عليه . كما أن مقولة أن الماء
الساخن يذيب الدهون غير حقيقية ، ذلك أن الماء الساخن يتم امتصاص سخونته في
الدورة الدموية للجسم فلا يمر على أية دهون أو يذيبها بأية طريقة . لذا ،
يجب أن يصبح شرب الماء البارد عادة يومية و لا مانع من استمرارها مدى
الحياة .
و هكذا نرى أن الماء يساعد على زيادة الطاقة المنصرفة من الجسم و من ثم حرق
الدهون . و الماء يقلل من الشهية بطريقة طبيعية و يساعد الجسم على تكسير
الدهون المختزنة في الجسم . و لقد أظهرت الدراسات أن الانخفاض في تناول
الماء يؤدي الى زيادة تخزين الدهون في الجسم ، في حين أن زيادة استهلاك
الماء تقلل فعليا من المخزون الدهني.
و السبب في ذلك أن الكليتين لا تستطيعان العمل بصورة مرضية بدون الماء
الكافي . و عندما لا تعمل الكلي الى حدود طاقتها الطبيعية فان ذلك سينعكس
على عمل الكبد حيث ستؤول اليه بعض أعباء عمل الكلى . و من المعروف أن واحدة
من أهم وظائف الكبد هى تكسير الدهون المختزنة و تحويلها الى طاقة قابلة
للاستخدام بواسطة الجسم ، و لكن اذا كان الكبد منشغلا بأداء بعض وظائف
الكلى فانه لن يستطيع أن يعمل بكامل طاقته في وظائفه الطبيعية . و نتيجة
لهذا فانه سوف يكسر دهونا مختزنة أقل ، وستظل هذه الدهون في الجسم وبذلك
سيتوقف وزن الجسم عن النزول .
وفي حالة احتجاز الماء في الجسم فان العلاج الناجع هو شرب المزيد من الماء ،
و رغم ما يبدو في هذه المقولة من مفارقة فان التفسير سهل وواضح ، ذلك أن
الجسم عندما يعاني من نقص الماء فانه يعتقد أن هناك تهديدا للحياة ، و
بالتالي فانه يبدأ في التمسك بكل قطرة ماء ، مع سوء توزيع سوائل الجسم في
انسجته المختلفة . و يظهر هذا في أعراض مثل تورم القدمين و الساقين و
اليدين . ان شرب الماء بكمية كافية سيحل هذه المعضلة كما أنه سيزيد من
ادرار البول و خلال ذلك يتم أيضا التخلص من بعض أملاح الصوديوم الزائدة
والتي يؤدي احتجازها في الجسم الى مضاعفة المشكلة .
والماء مهم أيضا لليونة و طبيعية عمل عضلات الجسم ، و من ثم انقباضها و
انبساطها بطريقة سلسة و طبيعية ، و أيضا لمنع جفافها . كما أن الماء هام
جدا لمنع ترهل الجلد و ظهور التجاعيد به ، و هو شيء قد يحدث مع نزول وزن
الجسم ، ذلك أن الماء يشكل جزء كبيرا من أنسجة الجلد .
و للماء وظيفة هامة أخرى أثناء علاج البدانة و لوزن الزائد ، ذلك أنه خلال
نزول وزن الجسم فان الجسم ينتج كثيرا من النفايات و الفضلات التي يجب
التخلص منها ، اذ أن الدهن الذي تم تكسيره خلال عملية النزول ينتج عنه مواد
سامة و نفايات مثل الأجسام الكيتونية و غيرها ، و هنا يكون دور الماء الذي
يذهب بهذه الفضلات الى خارج الجسم عن طريق الكلي و ادرار البول .
تلخيصا لما سبق فان الجسم لا يستطيع أن يعمل بطريقة طبيعية بدون ماء كاف ، و
هو لن يستطيع تكسير الدهون المختزنة بطريقة فعالة بدون الماء . أيضا الماء
المختزن قد يزيد من وزن الجسم الزائد أصلا . و لكي نتخلص من الماء الزائد
يجب ان نشرب كمية أكبر من الماء . و يمكن بكل ارتياح الاقرار بأن الماء
ضروري جدا لفقد الوزن الزائد .
ولكن .. ما هي الكمية الكافية المطلوبة من الماء ؟ في المتوسط يجب أن يشرب
الانسان ثمانية أكواب من الماء كل يوم . لكن الشخص السمين يحتاج الى كوب
اضافي من الماء لكل 10 كيلوجرامات من الوزن الزائد . و يجب مراعاة زيادة
كمية الماء المستهلك أيضا في حالة القيام بتدريبات رياضية عنيفة أو في حالة
الطقس الحار . و لايحتسب شرب القهوة من هذه الكمية على الاطلاق ، كما يجب
الا تزيد مشروبات الشاي و الدايت و العصائر عن ثلث الكمية التي يجب
استهلاكها ، أذ انها لا تؤدي الى التوازن المائي الذي يقوم به الماء العذب .
أن الجسم يقوم بوظائفه بطريقة جيدة عندما تكون سوائله في حالة طيبة ، فلا
يكون هناك احتجاز للماء في الجسم ، كما يحترق المزيد من الدهون حتى يمكن
للجسم استخدام الطاقة الكامنة فيه . و هنا يشعر الانسان بالعطش بصورة
طبيعية كما أن الجوع سيقل بالتدريج . و لو توقفت عن شرب كمية كافية من
الماء ، فان سوائل الجسم ستكون في حالة غير متوازنة مرة أخرى ، و عندها
سيتم احتجاز الماء ، و يزيد الوزن مع فقد حقيقي لاحساس العطش الطبيعي . لذا
لا تعتمد على احساسك بالعطش بل تناول ثمانية اكواب من الماء يوميا .
و الماء هام جدا لحياتنا ، فهو يكون حوالي 60 % من وزن جسم الانسان ، و
يتكون 70 % من وزن المخ من الماء ، فيما يكون الماء 82 % من الدم و 90 % من
الرئتين . و هو المكون الرئيسي للسائل الذي يحيط بالخلايا الحية و الداخل
فيها . ولا يعادل الماء في أهميته للحياة سوى الأكسجين .
وكما أسلفنا فان الجسم فانه يحتاج الى حوالي 3 لتر من الماء يوميا لاستبدال
الماء المفقود منه . و عندما يتعرض الجسم للحرارة فان 2 مليون غدة عرقية
تفرز العرق الذي يتكون من 99% من الماء . كما تفقد كمية ضئيلة من الماء
بصفة منتظمة خلال اليوم في عملية الزفير ، و أيضا في دموع العين الذي
تحتاجها العين للتليين . و تؤدي التمرينات الرياضية و تناول الملح و أيضا
السكني في المناطق العالية الى مزيد من استهلاك الماء .
ومن المهم هنا الاشارة الى أن الاحساس بالعطش قم يتم تفسيره بواسطة الجسم
خطأ على أنه شعور بالجوع . و أحيانا كثيرة عندما تشعر بالجوع يكون المطلوب
هو الشرب فقط ، أي أنك قد تكون عطشانا أو في حالة احتياج للماء ، فيتعرف
المخ على المستوى المنخفض من الماء في الجسم و يسجل اشارة الاحتياج ، و هنا
قد لا نستطيع ان نفرق بين اشارة الاحتياج الى الطعام أو الى الماء ، اذ أن
الجسم يميل غالبا الى تفسير اشارة الاحتياج على انها احتياج للطعام ،
فيتناول الشخص الطعام بدلا من أن يشرب الماء ، مما يؤدي الى تفاقم مشكلة
الوزن الزائد .[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ان تناول الماء بصورة منتظمة و بكمية
لا تقل عن ثمانية أكواب يوميا ، و بدون انتظار لاحساس العطش ، قد يكون هو
الحل لمشكلة السمنة التي لا تستجيب للأنظمة الغذائية المختلفة . و نختم
بملاحظة أن الماء له وظيفة هامة اضافية ولو انها تتم خارج جسم الانسان ،
رغم صلتها الوثيقة بالصحة و الرشاقة ، فالماء هو الوسط الذي تمارس فيه
واحدة من أهم رياضات الرشاقة ، وهي رياضة السباحة . فالسباحة تؤدي الى معدل
صرف طاقة عال اذ أن دقيقة السباحة تكلف الشخص البالغ من الوزن 70 كيوجراما
11.2 سعرا في الدقيقة ، فيما يكلفه المشي 5.2 سعر في الدقيقة ، بينما
يكلفه الجلوس 1.3 سعرا في الدقيقة .
ان شاء الله يعجبكم